Wikipedia

نتائج البحث

2025/10/05

قضية عمر كاملة تُروى كما عشتها.

الأرشيف الشخصي – مذكرات محمد عبد الكافي (1990-2025)

أنا محمد عبد الكافي، وأروي اليوم حكايتي كما عشتها، لا كما رواها غيري.

بدأت قصتي سنة 1990، حين كنت واحدًا من ثلاثة شركاء أسسوا شركة متخصصة في بيع قطع غيار السيارات بمدينة صفاقس. كان هدفي في تلك الفترة بسيطًا ومشروعًا: أن أبني مستقبلي بجهدي، وأن أستثمر خبرتي في التجارة لخدمة مؤسسة تنجح بنا جميعًا.

كان الشريكان الآخران هما فرحات، الذي تولّى صفة الوكيل الأول للشركة، وعدلان، شريك مالي فقط، يقيم خارج البلاد ولا يمارس أي نشاط فعلي داخل الشركة. أما أنا، فكنت الوكيل الثاني، اليد العاملة الحقيقية التي تولّت عمليات البيع والشراء والتعامل مع الحرفاء والمزوّدين.

منذ الأيام الأولى، كرّست وقتي وطاقتي لإنجاح المؤسسة. علاقاتي في السوق، معرفتي بالحرفة، والتزامي بالصدق، جعلوا الشركة تنجح وتزدهر بسرعة. كنت أعمل بإخلاص، وأحسب أن الجميع حولي يعملون بالنية نفسها… لكني كنت مخطئًا.

مع مرور السنوات، بدأت ألاحظ غموضًا مقصودًا في الحسابات. فرحات، الذي كان يتولّى إدارة الجانب المالي، أخفى عنّي وعن المحاسب المعتمد الحسابات الحقيقية. لم أكن أشك في البداية، لكن مع وفاة المحاسب الأصلي وتعيين محاسب بديل، ظهر لي تدريجيًا أن هناك تواطؤًا بين فرحات وعدلان لتزوير الأرقام واختلاس الأرباح.

ولأنني كنت أثق فيهم أكثر مما ينبغي، كانت الصدمة قاسية حين بدأت الخلافات تظهر. الضغط النفسي الذي تعرّضت له جعلني أمرّ بانهيار عصبي اضطرني للتوقف مؤقتًا عن العمل.

الفصل التعسفي أثناء المرض

وخلال هذه الفترة الحرجة، وقع ما لا يُصدّق:
بدل أن يقف الشركاء إلى جانبي كما تقتضي الأخلاق والشراكة… قام الوكيل الأول بما يلي:

استغلّ كوني مسجّلًا في الضمان الاجتماعي بصفة "بائع" فقط رغم أنني في الواقع وكيل ثانٍ وشريك مؤسس.

أرسل إليّ ثلاث تنبيهات مكتوبة بصفتي "عاملًا متغيبًا".

ثم أصدر قرارًا بفصلي نهائيًا من الشركة كما لو أنني مجرد أجير بسيط لا شريك ولا مسؤول.

التناقض القانوني والإداري

فعندما طالبت بحقي الطبيعي والقانوني في الحصول على منحة الفصل التعسفي، وهو حق يكفله القانون للعامل المفصول، كانت الإجابة صادمة:

"أنت لست عاملًا حتى تستحق منحة العمال! أنت وكيل وشريك، وبالتالي لا تستحق هذه المنحة."

فأي منطق هذا؟ إن كنت عاملًا… فلماذا حُرمت من حقوق العمال؟ وإن كنت وكيلًا وشريكًا… فلماذا فُصلت أصلاً؟

ورغم وضوح الخلل القانوني والإداري، حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى التي رفعتها للمطالبة بحقوقي، وكان هذا الحكم بمثابة انتكاسة كبيرة وإحباط شديد.

الجلسة الاستثنائية الباطلة

لم تتوقف المأساة عند هذا الحد. تعرّضت للفصل التعسفي وغير القانوني في جلسة استثنائية وغير معتادة، عقدت بشكل مفاجئ ودون مراعاة الأصول القانونية، شابها البطلان الواضح لعدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لصحة انعقادها واتخاذ قرارات مصيرية تؤثر على مستقبلي وحقوقي.

ولم يقتصر الظلم على ذلك، بل إن المحكمة أيدت هذا القرار الباطل، فتضاعفت علامات الاستفهام حول استقلالية القضاء ونزاهته، وبرزت أمامي صورة مبهمة لتأثيرات جهات أخرى على مسار العدالة.

خذلان المحامين

وفي وسط هذا الظلم، لم تتوقف المصائب: كل محامٍ قصدته اعتذر عن تولي القضية، وحتى أولئك الذين وافقوا، كان مساعدهم يكتب الشكوى دون ذكر اسم المحامي الأصلي. كان هذا إشارة صريحة إلى خوف النظام القضائي من مواجهة الظلم أو خوفهم من تداعياته، وترك قضاياي معلقة دون حل.

الدعاء والصمود

في ظل هذا الانكسار المؤلم، لم أجد أمامي إلا كلمات الدعاء والتضرع إلى الله:

"حسبي الله ونعم الوكيل"

ليس هروبًا من المواجهة، بل ثقةً ويقينًا بأن ثمّة عدلاً أعلى وأسمى ينتظر كل ظالم، وأن الحق لا يضيع عند الله.

العودة إلى النضال القانوني

في 2009، رفعت شكاية رسمية ضد فرحات وعدلان من أجل خيانة الأمانة والتلاعب بالحسابات، وبعد سنوات من الانتظار، تمّ فتح تحقيق رسمي سنة 2012، واستُمع فيه لكلّ من فرحات وعدلان في محاضر رسمية. ظننت أن العدالة بدأت تتحرّك أخيرًا.

لكن للأسف، تمّ إسقاط القضية بدعوى التقادم الزمني، بينما استُبعد عدلان عن الملف بطريقة غامضة، رغم تورطه السابق.

في 2015، لجأت إلى القضاء مجددًا بطلب تعيين مؤتمن عدلي لمراقبة الحسابات. وافقت المحكمة، وبدأ المؤتمن العدلي عمله رسميًا في 2016، وطلبت منه في نهاية سنة 2021 أن يقدّم لي الحسابات المالية للشركة عن سنوات 2018 و2019 و2020.

وقد ظهر التقرير الرسمي للمؤتمن العدلي وجود:

خيانة أمانة واضحة

سحب غير قانوني لأموال من البنك

سرقة موثقة بالأدلة

ورغم ثبوت هذه الخيانة، لم يتم عزله من مهمته، بل بقي وكيلاً عدليًا إلى أن توفّي، في واحدة من أكثر صور التواطؤ القضائي فجاجة.

بناءً على التقرير، رفعت شكاية جزائية جديدة سنة 2022 ضد فرحات، لكن القضاء تحرّك ببطء شديد وظلّ الملف قيد التحقيق حتى وفاة فرحات.

العبث المستمر بعد الموت

ظننت أن رحيله قد يغلق باب التلاعب، لكن المفاجأة كانت صادمة: أخوه تقدّم لتسيير الشركة دون أي سند قانوني، وكأن الإرث لم يكن مالًا أو عقارًا، بل شبكة نفوذ تستبيح القانون. لم يُطرح أي ملف رسمي يثبت أحقيته، ولم يصدر حكم قضائي يشرّع وجوده، ومع ذلك فُتحت له الأبواب كأن الأمر طبيعي.

والأمر الأكثر إيلامًا وحزنًا هو أن الشخص الذي تم تعيينه ليحل محل الوكيل السابق هو عدلان، نفس الشخص الذي سبق أن تم تنحيته وإبعاده عن منصبه في القضية المشهورة لعام 2012، وهو ما يضاعف من صعوبة الموقف ويثير علامات الاستفهام حول المعايير المتبعة في اختيار القيادات وتولي المناصب الحساسة.

الخاتمة — صمود وإصرار

اليوم، ونحن في سنة 2025، قد يظن البعض أن موت المتهم يعني نهاية القضية… لكن بالنسبة لي، الموت لا يُسقط الحق، والاختلاس لا يُمحى بالتقادم، والشراكة لا تموت بموت أحد أطرافها.

أنا لم أكتب هذه الكلمات لأشكو فقط، بل لأُعلن أنني ما زلت واقفًا. لقد ظُلِمت، نعم. تمّ استغلالي، نعم. حاولوا القضاء عليّ نفسيًا وقانونيًا… لكنّي ما زلت مؤمنًا بأن الحقيقة لا تموت، وأن الحق يُؤخذ ولو بعد حين.

قد ينام الظالم مطمئنًا… لكن صاحب الحق لا ينام إلا حين يستعيد ما سُلب منه.

وهذه ليست نهاية حكايتي. بل بدايتها من جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يعمل فريقنا جاهدا بلا كلل و لا ملل لضمان جودة كل قطعة يتم اصلاحها والله على ما نقوله شهيد

قضية عمر كاملة تُروى كما عشتها.

الأرشيف الشخصي – مذكرات محمد عبد الكافي (1990-2025) أنا محمد عبد الكافي، وأروي اليوم حكايتي كما عشتها، لا كما رواها غيري. بدأت قصتي سنة 1990...