Wikipedia

نتائج البحث

2025/09/29

خيانة الشركاء

أرشيف شخصي ــ مذكرات محمد عبد الكافي (1990 – 2025)


تسجل هذه المذكرات الأحداث من عام 1990 إلى عام 2025 حسب التاريخ. تسجل هذه المذكرات الأحداث والوقائع الهامة التي جرت وتطورت على مر السنين، وذلك في الفترة الزمنية الممتدة من عام 1990 وحتى عام 2025. إن هذه المذكرات تعمل كمرجع تاريخي، حيث يتم تدوين الأحداث وتسجيلها وفقاً للترتيب الزمني لحدوثها، مع الحرص على توثيقها بشكل دقيق ومفصل. وتهدف هذه المذكرات إلى حفظ وتسجيل الأحداث الهامة التي وقعت بين عامي 1990 و2025، لتكون بمثابة سجل تاريخي للأجيال القادمة.


أنا محمد عبد الكافي، وأروي اليوم حكايتي كما عشتها، لا كما رواها غيري.


بدأت قصتي سنة 1990، حين كنت واحدًا من ثلاثة شركاء أسسوا شركة متخصصة في بيع قطع غيار السيارات بمدينة صفاقس. كان هدفي في تلك الفترة بسيطًا ومشروعًا: أن أبني مستقبلي بجهدي، وأن أستثمر خبرتي في التجارة لخدمة مؤسسة تنجح بنا جميعًا.


كان الشريكان الآخران هما فرحات، الذي تولّى صفة الوكيل الأول للشركة، وعدلان، شريك مالي فقط، يقيم خارج البلاد ولا يمارس أي نشاط فعلي داخل الشركة. أما أنا، فكنت الوكيل الثاني، اليد العاملة الحقيقية التي تولّت عمليات البيع والشراء والتعامل مع الحرفاء والمزوّدين.


منذ الأيام الأولى، كرّست وقتي وطاقتي لإنجاح المؤسسة. علاقاتي في السوق، معرفتي بالحرفة، والتزامي بالصدق، جعلوا الشركة تنجح وتزدهر بسرعة. كنت أعمل بإخلاص، وأحسب أن الجميع حولي يعملون بالنية نفسها… لكني كنت مخطئًا.


مع مرور السنوات، بدأت ألاحظ غموضًا مقصودًا في الحسابات. فرحات، الذي كان يتولّى إدارة الجانب المالي، أخفى عنّي وعن المحاسب المعتمد الحسابات الحقيقية. لم أكن أشك في البداية، لكن مع وفاة المحاسب الأصلي وتعيين محاسب بديل، ظهر لي تدريجيًا أن هناك تواطؤًا بين فرحات وعدلان لتزوير الأرقام واختلاس الأرباح.


ولأنني كنت أثق فيهم أكثر مما ينبغي، كانت الصدمة قاسية حين بدأت الخلافات تظهر. الضغط النفسي الذي تعرّضت له جعلني أمرّ بانهيار عصبي اضطرني للتوقف مؤقتًا عن العمل.


وخلال هذه الفترة الحرجة، وقع ما لا يُصدّق: بدل أن يقف الشركاء إلى جانبي كما تقتضي الأخلاق والشراكة… قام الوكيل الأول باستغلال كوني مسجّلًا في الضمان الاجتماعي بصفة "بائع" فقط رغم أنني في الواقع وكيل ثانٍ وشريك مؤسس.


أرسل إليّ ثلاث تنبيهات مكتوبة بصفتي "عاملًا متغيبًا"، ثم أصدر قرارًا بفصلي نهائيًا من الشركة كما لو أنني مجرد أجير بسيط لا شريك ولا مسؤول.


لكن المأساة لم تتوقف هنا. عندما طالبت بحقي الطبيعي في منحة الفصل، أجابوني: "أنت لست عاملًا… أنت وكيل وشريك، ولا تستحق منحة العمال!"


فأي منطق هذا؟ إن كنت عاملًا… فلماذا حُرمت من حقوق العمال؟ وإن كنت وكيلًا وشريكًا… فلماذا فُصلت أصلاً؟


هذا التناقض المتعمّد لم يكن مجرد خطأ إداري، بل كان مخططًا لسلب حقوقي بأي صفة كانت: عامل؟ لا حقوق. شريك؟ لا حماية. مريض؟ لا رحمة.


ورغم وضوح الخلل، حكمت المحكمة برفض الدعوى، وكأن القانون قد عجز عن فهم أبسط سؤال طرحته: "بأي صفة تعاملتم معي؟ وبأي صفة فصلتموني؟"


لقد تعرّضت للفصل التعسفي وغير القانوني في جلسة استثنائية وغير معتادة، شابها البطلان الواضح لعدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لصحة انعقادها واتخاذ قرارات مصيرية. ولم يقتصر الظلم على ذلك، بل إن المحكمة أيدت هذا القرار الباطل، فتضاعفت علامات الاستفهام حول استقلالية القضاء ونزاهته، وبرزت أمامي صورة مبهمة لتأثيرات جهات أخرى على مسار العدالة.


في ظل هذا الانكسار المؤلم، لم أجد أمامي إلا كلمات الدعاء: "حسبي الله ونعم الوكيل" — ليس هروبًا من المواجهة، بل ثقةً بأن ثمّة عدلاً أعلى ينتظر كل ظالم.


في 2009، رفعت شكاية رسمية ضد فرحات وعدلان من أجل خيانة الأمانة والتلاعب بالحسابات، وبعد سنوات من الانتظار، تمّ فتح تحقيق رسمي سنة 2012، واستُمع فيه لكلّ من فرحات وعدلان في محاضر رسمية. ظننت أن العدالة بدأت تتحرّك أخيرًا.


لكن للأسف، ما حصل بعد ذلك كان أغرب من الخيال: تمّ إسقاط القضية بدعوى التقادم الزمني. الأخطر من ذلك أنّ عدلان، ورغم اتهامه بالخيانة الموصوفة والتحقيق معه رسميًا، جرى استبعاده من الملف تمامًا بطريقة غامضة ومريبة.


ورغم ذلك… لم أستسلم.


في 2015، لجأت إلى القضاء مجددًا بطلب تعيين مؤتمن عدلي لمراقبة الحسابات. وافقت المحكمة، وبدأ المؤتمن العدلي عمله رسميًا في 2016. طلبت منه في نهاية سنة 2021 أن يقدّم لي الحسابات المالية للشركة عن سنوات 2018 و2019 و2020.


وهنا ظهرت الحقيقة أخيرًا: قدم المؤتمن العدلي تقريرًا رسميًا يؤكد فيه وجود خيانة أمانة واضحة، سحب غير قانوني لأموال من البنك، وسرقة موثقة بالأدلة.


ورغم ثبوت هذه الخيانة، لم يتم عزله من مهمته، بل بقي وكيلاً عدليًا إلى أن توفّي، في واحدة من أكثر صور التواطؤ القضائي فجاجة.


بناءً على التقرير، رفعت شكاية جزائية جديدة سنة 2022 ضد فرحات. لكن القضاء تحرّك ببطء شديد، وظلّ الملف قيد التحقيق حتى وفاة فرحات.


ظننت أن رحيله قد يغلق باب التلاعب، لكن المفاجأة كانت صادمة: أخوه تقدّم لتسيير الشركة دون أي سند قانوني، وكأن الإرث لم يكن مالًا أو عقارًا، بل شبكة نفوذ تستبيح القانون. لم يُطرح أي ملف رسمي يثبت أحقيته، ولم يصدر حكم قضائي يشرّع وجوده، ومع ذلك فُتحت له الأبواب كأن الأمر طبيعي.


والأمر الأكثر إيلامًا وحزنًا هو أن الشخص الذي تم تعيينه ليحل محل الوكيل السابق هو عدلان. هذا الاسم ليس غريبًا علينا، فهو نفس الشخص الذي سبق أن تم تنحيته وإبعاده عن منصبه في القضية المشهورة التي تعود إلى عام 2012.


والكوارث لم تتوقف عند هذا الحد. فقد اكتشفت أن عبد الله، الأخ الثالث في الشركة، كان يشتري البطاريات من شركة أسد باسم الشركة ثم يبيعها لنفسه بشكل غير قانوني، دون أي حسيب أو رقيب. وصل المبلغ الذي سرقه إلى سبعين ألف دينار. والأدهى من ذلك أن فرحات الوكيل لم يتخذ أي إجراء، لأنه أخوه. حسبي الله ونعم الوكيل. يبدو أننا أمام عصابة منظمة تستغل الشركة لتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة.


في عام 2003، حصل ابني على شهادة دبلوم في ميكانيكا السيارات. اقترحت على فرحات أن يعمل ابني وائل معنا، لكنه رفض بشدة، محذراً إياي من التفكير في الأمر مرة أخرى. كنت أملك مبلغاً من المال ورثته من والدي بعد بيع المنزل. ربما، وبعد ربط الأحداث، أدركت أن تصريحات فرحات وعدلان المتفقة حول الصعوبات المالية التي تمر بها الشركة وحاجتها إلى ضخ سيولة من الشركاء، بالإضافة إلى فوزهم الدائم في القضايا المرفوعة ضدي، وخسارتي أو تعطيل قضاياي، تشير إلى أنهم يسعون للاستيلاء على أموالي الموروثة لإنقاذ الشركة المتعثرة، وهي مجرد مسرحية لمنعي من استثمارها في مشروع خاص. حسبي الله ونعم الوكيل.


وهذه ليست نهاية حكايتي. بل بدايتها من جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يعمل فريقنا جاهدا بلا كلل و لا ملل لضمان جودة كل قطعة يتم اصلاحها والله على ما نقوله شهيد

قضية عمر كاملة تُروى كما عشتها.

الأرشيف الشخصي – مذكرات محمد عبد الكافي (1990-2025) أنا محمد عبد الكافي، وأروي اليوم حكايتي كما عشتها، لا كما رواها غيري. بدأت قصتي سنة 1990...